مظفر النواب، في أعالي الشجن
الحبُّ والنضال الثوري، توأمان في شعر مُظفّر النوّاب،
بينما همّ الحرية والعدالة والجمال، هو الأسمى والأقوى في كل ما سطره من قصائد
متينة البناء الفني والجمالي ومتنوعة المضامين العاطفية والإنسانية، ومن نضال
سياسي ومواقف مبدئية جريئة، ومما قاساه من سجون واضطهاد وحياةٍ زاهدة وغربة
وحرمان، هذا الشاعر الرائد والفنان المجدّد الذي يندر أن نجح مبدع كبير واحد أن
يجمع معاً، كل ما امتلكه من مواهب أصيلة وطاقات متنوعة وعطاء ثَرّ، والذي تبنّى
أدباء عراقيون وعرب في 2017 إطلاق مبادرة تكريمية بترشيحه لنيل جائزة نوبل للآداب
تقديراً لإنجازه الأدبي ومواقفه الوطنية والأممية. وبالفعل، لم تجمع عبقرية مظفر
النواب بين شعر شعبي يتدفق من الجسد كشلال عذب عراقي الروح والجوى، وبين شعر ريادي
وحداثوي وملحمي تسامى غالباً، بلغته العربية الرفيعة الجزالة والخصب، على كل
محاكاة وتقليد وكل تعصب وكل حدود وحسب، بل استنفر أيضاً طاقة غنائية مدهشة،
ومهارات لافتة في الرسم (وله فيه عدة معارض) والمسرح (وله فيه عدة مسرحيات مثل
«على گد البريسم» و«العربانة» من إخراج الفنان العراقي باسم قهار وقُدمت على مسرح
الحمراء في دمشق ولاقت نجاحاً كبيراً، أو إخراج عدد آخر مثل «راس الشليلة» مع
الفنان المسرحي الشهير يوسف العاني)، وكذلك في الموسيقى، فضلاً عن ثقافة واسعة
وعميقة وطبع دمث وتواضع جمّ وروح صبورة، وكل ذلك إلى جانب تاريخ صمود سياسي وثوري
يكاد يكون تاريخ شعبه العراقي كله للنصف الثاني من القرن العشرين على الأقل.
عدد الصفحات: 224