لماذا نقرأ الأدب الكلاسيكي؟
«لماذا نقرأ الكُتب الكلاسيكيّة عوضاّ عن قراءة الكتب التي تعيننا
على فهم زماننا؟»، «كيف نجد هدوء البال، والفراغ لقراءة الكلاسيكيّات، خاصّة مع
وجود سيل يغمرنا من الأخبار المطبوعة اليوم؟» يمكننا طبعاً افتراض وجود قارئ محظوظ
يجد متّسعاً من الوقت لقراءات خصّصها فقط لقراءة كتب: لوكريتيوس، لوتسيانو،
مونتين، إراسموس، كيڤيدو، مارلو، ومقال عن المنهج لديكارت، ورواية ڤيلهيلم مايستر
لغوته، كولرج، رَسكن، پروست، ڤاليري، مع شيءٍ من التّبحّر في [كتابات الأديبة
اليابانيّة] موراساكي أو الحكايات التّراثيّة الأيسلندية. وبافتراض أنّ ذات القارئ
ليس مُجبراً على كتابة المُراجعات عن آخر كتاب قرأه، ولا كتابة الأبحاث للحصول على
مقعد جامعي، ولا تحرير الكتاب نظراً لوجود عقد عمل قصير المدى، فإنّ عليه
الاستمرار في روتينه دون تدنيس لأيّامه، وعليه تجنّب قراءة الصّحف اليوميّة، وعدم
الاستسلام لأحدث رواية أو استبيان سوسيولوجي. لكن من اللّازم التّمعّن في مدى نفع
هذا المنهاج. قد يكون العالم المعاصر تافهاً سخيفاً، لكنّه ما يزال نقطة ثابتة
نقارن بها تقدّمنا أو تخلّفنا. تستوجب قراءة الكلاسيكيّات تحديد «إحداثيّاتها» في
زمن قراءتها، وإلّا سيضيع كُلٌّ من الكِتاب وقارئه في متاهة سرمديّة؛ بإمكان
القارئ استخلاص أقصى منفعة من الكتاب الكلاسيكي إذا قرأه بتبادل ماهر وبجرعات
دقيقة من الكتابات المعاصرة. لا أفترضُ وجود توازنٍ داخلي في قارئ من هذا النّوع؛
إذْ قد يُشيرُ إلى مزاجٍ عصبي، قليل الصّبر، صعب الإرضاء.
عدد الصفحات: 271