الحرب على روسيا الأوراسية
ثمة قدر من الإجماع بين الباحثين في الفكر السياسي
الروسي المعاصر على أن ألكسندر دوغين هو أحد أبرز من يمثل هذا الفكر، ويصنفه
الباحثون على أنه تعبير عن النسخة الروسية لتوجهات اليمين الأوروبي. ومع ذلك، فإن
دوغين ليس مجرد منشئ لأيديولوجيا بسيطة محايدة، بل هو يسعى إلى إضفاء الطابع
الروسي على المذاهب التي تلهمه، وتكييفها مع ما يسميه المفاهيم التقليدية للعالم
الروسي، والتي ترتكز بشكل أساسي على النزعة القومية والمعتقد الأرثوذكسي، ومناهضة
الحداثة ورفض القيم الأمريكية. ويبدو موقفه العدائي للمنظور الليبرالي الغربي من المفهوم
الذي أطلق عليه اسم النوماخيا أو حرب العقول، والذي يعني رفضه لنظرة التسلسل
الحضاري (حضارة أعلى، وحضارة أدنى)، فالحكم على الحضارات والثقافات هي مهمة أصحاب
هذه الثقافات وليست مهمة من هو خارجها، وهذا التعدد الحضاري والثقافي يتسق في رأيه
مع دعوته إلى التعددية القطبية في النظام الدولي، فالتعددية الثقافية والقومية
تبرر التعددية القطبية وفي إطار نظرته للنظام الدولي المعاصر يرى أن روسيا تعيد
تأكيد نفسها ليس على أنها القطب الثاني في النظام ثنائي القطب الجديد، ولكن كواحد
من الأقطاب القليلة في سياق نظام متعدد الأقطاب تقف فيه روسيا عسكريًّا، وعلى
مستوى الجغرافيا والموارد الطبيعية مع الصين اقتصاديًّا.
عدد الصفحات:206