أخبار الحلاج
-من
أندر الأصول المخطوطة في سيرة الحلاج-
من مقدمة هادي العلوي للكتاب:
إن اعتبار الحلاج من شهداء الفكر لا يخلو من صعوبة فهو
شهيد موقف سياسي ـ اجتماعي وضحية مغامرة طويلة الأمد أراد منها قلب دولة الأغيار
لإنشاء دول الخلق التي يبسط بها العدل باعه. ومقتله ينتظم في سياق صلب المسيح وقتل
مزدك والحسين وبابك. وهذه مصائر نضال طبقي لا نضال فكري. وقد التبس الأمر على
الجواهري حين سمى تحرك المسيح ثورة فكرية وصفق له طه حسين. والشعراء والأدباء
ليسوا حجج على التاريخ. ويسود الخلط والتعميم الانطباعات السائدة عن تاريخ الفكر
وتاريخ السياسة وهما متمايزان في العصر الإسلامي، ومندمجان في العصور الوسطى
الأوربية وينبغي أن يُدرس كل تاريخ على حدة فيما يخص الإسلام الذي لم يمارس فيه
المسجد سلطة زمنية. تتسلسل الأفكار الموصوفة في هذه السطور كما رأينا من إبراهيم
بن أدهم وتسجل قفزة مع أبو يزيد البسطامي قبل أن تبلغ تأوجها في الحلاج. ومذهب
الحلاج هو نفسه مذهب الصوفية الاجتماعيين، وفيه أيضاً نجد الجنوح الحلولي
والاتحادي. وقد تناول الأستاذ فائق حويجة هاجس الخلود الشخصي الجلجامشي عند الحلاج
وهي لمحة مضيئة لمأساة التصوف لا أعرف أحد قبله تنبه إليها. ويتماهى هذا الجنوح
المأساوي المحثوث بلا حكمة الموت في شخصية مثقف مسكون بالسؤال حيث يتلبس الحلاج
روح جلجامش بعمقها التراجيدي. والكلام في هذا الشأن يغري بالإطالة وقد استوفاه
الأستاذ فائق في مقدمته ويمكن للقارىء الرجوع إليها...
عدد الصفحات: 96