القرامطة بين الالتزام والانكار
إن هذه الحركة الإصلاحية التحررية التي ظهرت في
عهد الإسلام المبكر، ونظامها السياسي الانقلابي الفكري هو الذي تصدى للرجعية
والفساد وللطغيان المستحكم. وعندما نقول ذلك لا نكون قد ذهبنا بعيداً أو انحرفنا
وراء المبالغة والغلو، وقد نرى ونحن ندرس تاريخ هذه الثورة أن أنظار القائمين على
شؤونها كانت تتطلع في كافة أدوارها إلى الأقطار القريبة والبعيدة على السواء،
عاملة بمبادئ إنسانية طبيعتها، إذ كان من مبادئها: إقامة الدول، وبناء الممالك،
والوصول إلى زعامة العالم الإسلامي المطلقة. ومن هنا جاءت عناية المؤرخين ورغبة
الباحثين. وهنا نكرر القول بأن تاريخها لم يدرس الدراسة الكافية، وفلسفتها لم تعرف
التعريف الكافي، وعقادئها ومبادئها لا يزال يكتنفها الغموض خاصة بعد أن تصدى لها
كتاب جهلة، تناولوها تخريباً وتشويهاً وكذباً فظهرت بحالة من الاضطراب والتناقض.
عدد الصفحات: 144