حكايات
من براغ
"وهنا طقطقت النافذة المجاورة التي
انفتحت عن آخرها، وظهر فيها أيضًا رجل فارع الجسد، أصغر سنًّا. شعره أسود، ذو
تصفيفة منمقة وقوية، وكأنها تخبرنا بأنها يوميًّا على هذا الحال لا تتبدل. وجهه
مستدير، ذقنه الحليق شديد النعومة. خلا وجهه من أية تعبيرات. خبأ جسده في روب
حمّام رمادي أنيق، وأمسك قطعة قماش حريرية صفراء في يده، راح ينظف بها زجاج نظارته
الذهبية، نفخ في الزجاج مرة أخرى، ومسح من فوقه الضباب. بعدها وضع النظارة فوق
عينيه، والتفت نحونا بكامل جسده. تبدلت تعبيرات وجهه المحايدة، واتخذت ملامح أكثر
قوة من خلف زجاج النظارة، كما هي عادة قصار النظر. وجهه يشع طيبة، ينظر بعينين
ودودتين سعيدتين. نقرأ في كل ملمح من ملامحه أن هذا الوجه ينظر إلى العالم منذ
أكثر من أربعين عامًا. وإن نظرنا إليه بعين خبير فسنعرف أنه وجه رجل عانس. وجه
راهب. من السهل التعرف على وجه أي رجل عانس."
تعد
مجموعة «حكايات من براغ» واحدة من أهم أعمال يان نيرودا، وأهم كتابات الأدب
التشيكي في القرن التاسع عشر التي أسست لتيار الواقعية هناك. وتدور أحداث القصص
التي صدرت بعنوان «حكايات مالاسترانا» في حي صغير بمدينة براغ التشيكية، حملت اسمه
المجموعة، وليس اسم المدينة كما في النسختين العربية والإنجليزية، وقد نشرها
نيرودا في البداية منفصلة في كثير من المجلات الأدبية، ثم جمعها في عام 1878 في
مؤلف واحد وأصدرها في كتاب.
عدد الصفحات: 318