عمر الشريف.. بطل أيامنا الحلوة
هنا علي شاطيء بحر الأسكندرية وقف عمر
الشريف شارداً، ساهماً والغيم اتسع في عينيه ورسم غلالته الشفافة، كأنه خرج تواً
من هذا البحر الذي يهدر بالعجائب، صامتاً كأنه كان يصغى لأغنية قديمة عن
الاسكندرية بصوت مطرب شباب الستينيات السكندري / اليوناني جورج موستاكي:( أغني لكم
حنيني فلا تضحكوا إن احمرت وجنتي فذكرياتي لم تكبر وتشيخ/ ولازلت أعاني ألم فراق
بلادي)، أو أغنية أخرى بصوت داليدا:(اسكندرية أحسن ناس/ ع البحر ماشية تتمختر / من
سيدى بشر لأبو العباس) أو حتى بصوت الشيخ إمام (يااسكندرية بحرك عجايب/ ياريت
ينوبني من الحب نايب/ تحدفني موجة علي صدر موجة/ والبحر هوجة والصيد مطايب)، كان
يشخص بنظره إلى الجانب الآخر من الشاطيء حيث البلاد البعيدة التي تغرب في موانئها
ومطاراتها وفنادقها ولم تقتله عواصفه وهو يجوب دروبها المفتوحة باندفاع يلائم
أبناء البحر الذين يندمجون بمائه وملحه كأنهم يجددون عروقهم في أجسادهم التي تتشهى
الحياة. وقف عمر على الشاطيء وقد ساورته بعض الشكوك الكفيلة بأن تهزم مصارع، أو
هكذا أنا تخيلت لدرجة أنني سمعته يناجي نفسه وهو يحدق عميقاً في البحر: "أكان
لابد من كل هذا المشوار، أكان ضرورياً الذهاب عند الشاطيء الآخر لأعود في كل مرة
يجرفني الحنين إلى هذه المدينة اللغز؟"
عدد الصفحات: 313