الأركيولوجيا بين العلم والإيديولوجيا ؛ البحث عن
أورشليم
يعود اهتمامي القديم بالقدس إلى العام 1983، عندما وجدت نفسي لأول مرة في
خنادق الحفريات قرب السور العثماني للمدينة. ودفعتني الرغبة في فهم تعقيدات جذوري
-الدينية والثقافية والقومية- إلى ممارسة مهنة مكرسة لاستكشاف الحضارات القديمة من
زاوية أكاديمية وتجريدية ومبعثرة تماماً
ومتطورة وعملية وملموسة في ذات الوقت، ولعب ماضي القدس وحاضرها دوراً
مركزياً وثابتاً في تشكيل هذا المنظور المزدوج. ومن هنا، سمحت لي الأبعاد المادية
والبصرية لمجالات علم الآثار والعمارة وتاريخ الفن بالتغلغل بعمق في الحقائق
الملموسة للثقافات المتلاشية، والحفاظ، في الوقت عينة، على مسافة معينة وغموض فيما
يتعلق بالواقع. يمكن رؤية آثار القدس ولمسه،
المادية منها والمجردة. ومع ذلك، فإن معرفتنا بالمواقع والمعالم الأثرية
والمصنوعات تستند إلى بيانات غير كاملة وأفكار متصورة، وخلقت بعض هذه الأفكار
والمعتقدات ذات الصلة إرثٌ عمره مئات وآلاف السنين، وأنتجت إبداعات دينية وفنية
قيمة. ومع ذلك، فإن بعض منها تسبب في الصراع والعنف. هذا هو التفاعل والازدواجية
التي أحاول تحريها في هذا الكتاب.
عدد الصفحات: 352