في تطور النظرة الواحدية إلى التاريخ
ولكن
إذا كان العقل لا يحكم العالم إلا بمعنى توافق الظواهر مع القانون، إذا لم تكن
الأفكار، ولا المعرفة، ولا "التنوير"، هي التي تقود الناس في تدبيرهم
الاجتماعي –إذا أمكن القول– وفي تقدُّمهم التاريخي، فأين إذًا حرية الإنسان؟ أين
المجال الذي "يحكم" فيه الإنسان "ويختار" من دون أن يُسليِّ
نفسه –كما يفعل لطفل– بلعبة العيد، ومن دون أن يصبح ألعوبة في يد قوة غريبة عنه،
حتى ولو لم تكن قوَّةً عمياءَ؟... يقوم بليخانوف في هذا الكتاب بالرَّدِّ على ما
أَطلق عليهم المثاليِّين، والاشتراكيِّين الانتهازيِّين، الذين قاموا بتفسير
التاريخ بمناهِجَ مادِّيَّة، مُنكِرين التفسير المادِّيَّ الجدلي الماركسي الذي
يتبنَّاه ويدافع عنه؛ فهو يقدِّم في هذا الكتاب ردًّا قاطِعًا على آراء
المِثاليِّين الألمان، والمادِّيِّين الفرنسيِّين، ويعتبر أن أحدًا منهم لم يقترب
مِمَّا يعتبره الماركسيُّون التفسيرَ المادِّيَّ للتاريخ، وإنما ترك الأمر في
خانات الرأي والطبيعة. يضع بليخانوف منهجيَّةً للرَّدِّ على ناقِدي المادية
التاريخية، بدءًا من مفهوم التطوُّر وعالم الأفكار المثالية، صعودًا إلى الثورة
الصناعية وتصحيح المفاهيم الهيجليَّة، ويَختَتِم كتابَه بوضعِه شرحًا مُفسِّرًا
للماركسية ودورها في تفسير التاريخ بشكل عِلميٍّ...
يُعَدُّ الكتاب بالنسبة إلى
"لينين" أحد الركائز في الفكر الشيوعي والماركسية.
غدد الصفحات: 428