مصادر الماركسية الثلاثة وأقسامها المكونة الثلاثة
يثير مذهب ماركس، في مجمل العالم المتمدن، أشد العداء
والحقد لدى العالم البرجوازي، كله (سواء الرسمي أم الليبرالي)، إذ يرى في
الماركسية ضربا من "بدعة ضارة". ليس بالإمكان توقع موقف آخر، إذ لا يمكن
أن يكون ثمة علم اجتماعي "غير متحيّز" في مجتمع قائم على النضال الطبقي.
فكل العلم الرسمي الليبرالي يدافع، بصور أو بأخرى، عن العبودية المأجورة، بينما
الماركسية أعلنتها حرباً لا هوادة فيها ضد هذه العبودية. أن تطلب علماً غير متحيّز
في مجتمع قائم على العبودية المأجورة، لمن السذاجة الصبيانية كأن تطلب من
الصناعيين عدم التحيز في مسألة ما إذا كان يجدر تخفيض أرباح الرأسمال من أجل زيادة
أجرة العمال.
ولكن ليس ذلك كل ما في الأمر، فإن تاريخ الفلسفة وتاريخ
العمل الاجتماعي يبـيّـنان بكل وضوح أن الماركسية لا تشبه "الانعزالية"
بشيء بمعنى أنها مذهب متحجر منطو على نفسه، قام بمعزل عن الطريق الرئيسي لتطور
المدنية العالمية. بل بالعكس، فإن عبقرية ماركس كلها تتقوم بالضبط في كونه أجاب
على الأسئلة التي طرحها الفكر الإنساني التقدمي، وقد ولد مذهبه بوصفه التتمة
المباشرة الفورية لمذهب أعظم ممثلي الفلسفة والاقتصاد السياسي والاشتراكية.
عدد الصفحات: 80