انهيار الرأسمالية
أسباب إخفاق اقتصاد السوق المحررة من القيود
إما أن تنجح الرأسمالية في تجديد نفسها من الجذور، وإما أنها ستنهار وتصبح من مخلفات التاريخ. فبعد ثلاثة عقود، سيطر فيها الاقتصاد المحرَّر من القيود على العالم، أمسينا في أمس الحاجة إلى إحياء الدولة إحياء متزنا، إذ لا مندوحة للدول عن أن تستعيد المجالات التى خسرتها، المجالات التى تخلت عنها منذ مطلع السبعينيات. إن الدولة ملزمة برسم الحدود للأسواق، من غير أن تشل قواها. ويقتضي الواجب من الدولة أن تمنح مواطنيها الشعور بالأمان والثقة، من غير أن تمارس الوصاية عليهم، وأن تتكفل -ثانية- بأن تكون الراعي الأكيد للمنافسة العادلة والعدالة الاجتماعية. ولكي تستطيع الدولة النهوض بهذه الوظائف، فإنها تصبح في أمس الحاجة إلى ممارسة دورها بثقة أكبر وإصرار أشد، فلا سبب يدعوها إلى أن تستسلم لما تفرضه عليها السوق، فالحكومات وسلطات الرقابة أكثر سلطانا من الشركات العملاقة والمصارف المختلفة، حتى في عصر العولمة. وهي مطالبة بأن تمارس سلطانها بإصرار أشد. إن الأمر المطلوب هو أن يظهر بجلاء أن الدولة هي التي ترسم الإطار العام الذي يجوز للاقتصاد أن ينشط في حدوده -وليس العكس- أي ليس أن يحدد الاقتصاد للدولة الإطار العام الذي يجوز لها أن تنشط في داخله
عدد الصفحات: 469